جاري تحميل آبار الرحمة
نحضر المياه النظيفة للمجتمعات...
نحضر المياه النظيفة للمجتمعات...

(اللحظة التي غيرتني إلى الأبد)
لم يعدني شيء لهذه الحياة التي أضطررت للعيش فيها الآن.
كنت مجرد سائح - فضولي، عيناي واسعتان، ومتحمس لاستكشاف الزوايا الهادئة لأفريقيا.
قادني طريقي إلى عمق قرية منسية في غرب أفريقيا. لا طرق معبدة. لا مستشفيات. لا مدارس. لا ماء.
كان الصباح مبكراً. نوع الصباح حيث تشرق الشمس ببطء والهواء لا يزال كثيفاً برائحة الأرض الحمراء. كنت قد تتبعت صوت الضحك والأقدام الجارية. الأطفال - حفاة القدمين ومبتهجين رغم محيطهم - كانوا متجهين إلى مكان ما.
تبعتهن.
ثم رأيته.
مجموعة من الأطفال، لا يتجاوز عمرهم سبع أو ثماني سنوات، منحنية بجانب ما يمكن أن يسمى بالكاد مصدر ماء - خندق مستنقعي، أخضر داكن، مليء بالأوراق المتساقطة، ومليء بالحشرات. واحدة منهم - فتاة بقميص أصفر ممزق - غرفت حفنة وشربت.
تجمدت.
شربت من مستنقع.
بدون تردد.
كما لو كان طبيعياً.
لأنه بالنسبة لها... كان كذلك.
عندما انتهت، ابتسمت لي بشفتين متشققتين وقالت: "ماما تقول إن هذا لا يجعلنا نتقيأ كثيراً."
شعرت بشيء ينكسر بداخلي. مزيج من عدم التصديق، وكسر القلب، والعار العميق - أنني عبرت المحيطات بحثاً عن المغامرة، فقط لأجد حقيقة مريرة لدرجة أنني بالكاد أستطيع التنفس.
عدت إلى مسكني تلك الليلة أشعر بالقلق الشديد، وبكيت. ليس النوع الهادئ - النوع الذي يهز روحك. فكرت في كيف نفتح الصنبور ونضيع الماء في تنظيف أسناننا. كيف نمشي بلا مبالاة بجانب النوافير النظيفة والزجاجات المفلترة دون تفكير ثانٍ.
لكن هنا - هذا الطفل كان يخاطر بحياته كل يوم، فقط لإرواء عطشه.
تلك الليلة، اتخذت قراراً.
حولت مدخراتي الشخصية - ما يكفي لحفر بئر واحد وبناء بئر بجانب المسجد الوحيد هناك. واحد يعمل بالطاقة الشمسية. واحد يجب أن يخدم أكثر من 2000 شخص يعيشون في تلك القرية الصغيرة، وبفضل الله، نجح. في اليوم الذي تدفق فيه الماء النظيف في تلك القرية لأول مرة في تاريخها، رأيت شيئاً لن أنساه أبداً:
الفتاة الصغيرة. عائلتها. القرية بأكملها.
تبتسم.
يغسلون أيديهم.
يتذوقون الماء النظيف لأول مرة في حياتهم.
ثم الركوع لأداء الوضوء. ثم الصلاة.
وانكسرت مرة أخرى. هذه المرة... من الفرح.
أصبحت تلك اللحظة نقطة تحولي. لأن إذا كانت تلك القرية الواحدة تحتاجها... كم من المزيد كان هناك؟
كم من الأطفال الآخرين كانوا ما زالوا يشربون من المستنقعات؟
كم من الأرواح كانت تدعو للرحمة بينما تحارب الأمراض المنقولة بالماء؟
كم من العائلات ابتعدت عن الإيمان الإسلامي وتوقفت عن الصلاة لأنها لا تستطيع أداء الوضوء.
كانت تلك ولادة مؤسسة آبار الرحمة.
اليوم، بإرادة الله، نحن حركة مدفوعة بالإيمان مصممة على جلب الماء النظيف والصالح للشرب إلى أكثر زوايا أفريقيا نسياناً. ليس فقط للشرب. بل للصحة. للصلاة. وإدامة مواشيهم.
بئر واحد.
قرية واحدة.
دعاء واحد في كل مرة.
وكل شيء بدأ بفتاة صغيرة في مستنقع.